سورة المائدة - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)}
24- فأصروا على المخالفة، وقالوا: يا موسى، إنا معتزمون ألا ندخل هذه الأرض أبداً، ما دام فيها الجبارون، فدعنا نحن، فليس لك علينا من سلطان، واذهب أنت وربك فقاتلا الجبارين، فإنا في هذا المكان مقيمون.
25- حين ذلك فزع موسى إلى ربه قائلاً: ربِّ لا سلطان لى إلا على نفسى وأخى، فاقض بعدلك بيننا وبين هؤلاء المعاندين.
26- فاستجاب الله لموسى، وحرَّم على أولئك المخالفين دخول هذه الأرض طيلة أربعين عاماً، يضلُّون في الصحراء لا يهتدون إلى جهة. قال الله لموسى يواسيه: لا تحزن على ما أصابهم، فإنهم فاسقون خارجون عن أمر الله.
27- وإن حب الاعتداء في طبيعة بعض الناس، فاقرأ- أيها النبى- على اليهود- وأنت صادق- خبر هابيل وقابيل ابنى آدم، حين تقرَّب كل منهما إلى الله بشئ، فتقبل الله قربان أحدهما لإخلاصه، ولم يتقبل من الآخر لعدم إخلاصه، فحسد أخاه وتوعده بالقتل حقداً عليه، فرد عليه أخوه مبيناً له أن الله لا يتقبل العمل إلا من الاتقياء المخلصين في تقربهم.
28- وقال له: لئن أغواك الشيطان فمددت يدك نحوى لتقتلنى، فلن أعاملك بالمثل، ولن أمد يدى إليك لأقتلك، لأنى أخاف عذاب ربى، وهو الله رب العالمين.


{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)}
29- إني لن أقاومك حين تقتلنى، لتحمل ذنب قتلك لى، مع ذنبك في عدم إخلاصك لله من قبل، وبذلك تستحق أن تكون في الآخرة من أهل النار، وذلك جزاء عادل من الله لكل ظالم.
30- فسهَّلت له نفسه أن يخالف الفطرة، وأن يقتل أخاه، وقتله، فصار في حكم الله من الخاسرين، إذ خسر إيمانه وخسر أخاه.
31- بعد قتله أصابته حسرة وحيرة، ولم يدر ما يصنع بجثته، فأرسل الله غراباً ينبش تراب الأرض ليدفن غراباً ميتاً، حتى يُعَلِّم ذلك القاتل كيف يستر جثة أخيه، فقال القاتل مُحِسَّا بوبال ما ارتكب، متحسراً على جريمته: أعجزت عن أن أكون مثل هذا الغراب فأستر جثة أخى؟! فصار من النادمين على جرمه ومخالفته دواعى الفطرة.
32- بسبب ذلك الطغيان وحب الاعتداء في بعض النفوس أوجبنا قتل المعتدى، لأنه من قتل نفساً بغير ما يوجب القصاص، أو بغير فساد منها في الأرض، فكأنه قتل الناس جميعاً، لأنه هتك حرمة دمائهم، وجرّأ عليها غيره، وقتل النفس الواحدة كقتل الجميع في استجلاب غضب الله وعذابه، ومن أحياها بالقصاص لها، فكأنما أحيا الناس كلهم، لصيانته دماء البشر، فيستحق عليهم عظيم الثواب من ربه. ولقد أرسلنا إليهم رسلنا مؤكدين حكمنا لهم بالأدلة والبراهين، ثم إن كثيراً من بني إسرائيل بعد ذلك البيان المؤكد أسرفوا في إفسادهم في الأرض.


{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)}
33- إنما عقاب الذين يحاربون الله ورسوله، بخروجهم على نظام الحكم وأحكام الشرع، ويفسدون في الأرض بقطع الطريق أو انتهاب الأموال: أن يُقْتَلوا بمن قتلوا، وأن يُصلبوا إذا قتلوا وغصبوا المال، وأن تُقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف إذا قطعوا الطريق وغصبوا المال ولم يقتلوا، وأن يُنفوا من بلد إلى بلد، وأن يُحبسوا إذا أخافوا فقط. ذلك العقاب ذل لهم وإهانة في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم وهو عذاب النار.
34- إلا الذين تابوا من هؤلاء المحاربين للنظام وقطاع الطريق من قبل أن تقدروا عليهم وتتمكنوا منهم، فإن عقوبة الله المذكورة تسقط عنهم وتبقى عليهم حقوق العباد، واعلموا أن الله واسع المغفرة والرحمة.
35- يا أيها الذين آمنوا، خافوا الله باجتناب نواهيه وإطاعة أوامره، واطلبوا ما يقرّبكم إلى ثوابه، من فعل الطاعات والخيرات، وجاهدوا في سبيله بإعلاء دينه ومحاربة أعدائه، لعلكم تفوزون بكرامته وثوابه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8